إلى رجل يحتفظ بالنسخة الاصلية مني
بأمس طرق الحب بابي..لم افتح له
ولم ينتظر طويلا
كان على موعد مع عشاق العالم ليحتفلوا به
فمضى إليهم..وبقيت انا وحدي
في انتظار عام آخر يطرق فيه الحب بابي
فأفتحه له..وأنت معي
سيدي البعيد جدا من موقعي
القريب جدا من اعماقي
لا اعلم..هل تضخم بي الحزن
فأصبحت أكبر من الوجود
ام ضاق بي الوجود
فأصبح أصغر من حزني؟
النتيجة واحدة يا سيدي
فبقعة الأرض هذه..ما عادت تتسع لي
فبقعة الأرض التي كنت اقف عليها
أصبحت الآن تقف علي
والحمل أكبر من الكتابة
والحمل أثقل من التنفس
وحاجتي الى التنفس جعلتني أبحث عن
وطن يكتظ بالهواء
وطن يمنحني الحياة بلا حدود
وطن يعيد الأرض الى قدمي
ويعيد قدمي الى الأرض
وطن يجعلني فوق الأرض
ويجعل الأرض تحتي رحبة واسعة
كأحلام طفولتي
وأظنك ذلك الوطن
او هكذا يخيل اليّ
او هكذا تمنيتُ دائما
وليس كل ما تمنيته منحتني اياه الحياة
بالرغم من اني منحتها الكثير مني
ظننتها ستشبهني ..ستقلدني في العطاء
لكنها خذلتني..سرقتني
واخذت كل شي
ولم تمنحني اي شي
فيا وطن..من اين ابدأ؟
من البداية التي ما عدت اذكرها؟
ام من النهاية التي لا اريد ان اذكرها
فأحيانا تتشابه بداياتنا ونهاياتنا حد الملل
فيا سيدي..أجبني..من أنا؟
وعلى اي المحطات اقف الآن؟
ولماذا اقف الآن في انتظار معجزة
تعيدني الى الحياة..او تعيد الحياة الي؟
لا تندهش لسخافة سؤالي...
فأنا أضعت أنا
وجئتك ابحث عنها
عن انا..عن ذاتي..ليقيني
اني لن اجد نفسي الحقيقية الا لديك
فأنت اصولي وجذوري
فأعماقك هي صندوقي الذي اخبيء فيه
كل ما اخشى عليه من الايام
وذات يوم خبأت نفسي الحقيقية فيك
نفسي التي تشبهم وتشبهني
وغادرتك بالنفس الأخرى
التي تشبههم ولا تمت لك او لي بصلة
كنت سعيدة بهذه النفس
لقدرتها الفائقة على التأقلم مع عالمهم التافه
واجدت دوري ببراعة
وكثيرا ما صفقت لنفسي بيني وبين نفسي
لكنني الآن
اشتاق الى نفسي الحقيقية
تلك النفس التي خبأتها فيك
فجئتك وفي داخلي رعب الدنيا كله
ان تكون قد فتحت لها اعماقك ذات ليلة
باردة واطلقت سراحها منك
تُرى
هل ما زلت تحتفظ بي؟
هل ما زلت تحتفظ بالنسخة الاصلية لملامحي
اشتاق الى ملامحي القديمة
فهل سأراها في مرآتك
خدعتني مراياهم كثيرا يا سيدي
منحتني وجها ليس وجهي
وجسدا ليس جسدي
واحلاما ليست احلامي
تضخمت في اعينهم في الوقت الذي
كنت اتضاءل فيه في عيني
وسافرت
سافرت في كل القلوب
وكنت اترك في كل قلب حلما ناقص النمو
وأرحل
أغادر اعماقهم متسللة كاللصوص
وأخرص حرصا تاما على ان لا تبقى
فردة الحذاء الذهبي خلفي كي لا تعيدهم الى
عالمي الذي لا يتسع الا لك
أرحل بحثا عن حكاية جديدة
حكاية مختلفة في فصولها وطقوسها وتضاريسها
لكنني اكتشفت ان الحكايات ..تتشابه
والتضاريس تتشابه
الا الاحساس
وحده الاحساس يا سيدي يبقى مختلفا
كبصمات الانامل
فعشتُ سنوات ابحث عن ذلك الاحساس المختلف
لكن ذلك الاحساس لم يأت بعد
وربما لن يأتي ابدا
وهنا تكمن مرارة اليقين
اليقين بان القادم لن يكون افضل
ولن يكون أجمل..ولن يكون مختلفا
وانك وحدك الشي المختلف الذي
لا يشبهه في قلبي او حلمي او خيالي شيء
فيا سيدي الوطن...ويا وطني السيد
نمت عميقا...نمت طويلا..واستيقظت بالأمس
ولا اعلم لماذا استيقظت
واي صرخة قاسية للواقع ايقظتني
وزلزلت احلامي
واذا بالوجوه ليست بالوجوه
واذا الاصوات ليست هي الاصوات
واذا الاماكن ليست هي الاماكن
ولا الاحلام هي احلامي
ولا الزمان هو زماني
ولا انا التي يعرفونها
هي انا التي اعرفها انا..وتعرفها انت
فجأة
شعرتُ يا سيدي
بأنني خارج نطاق الزمان والمكان والاحلام
وبأن احلامي
كانت ضربا من الوهم والجنون
والشقاء والغباء
فذات يوما يا سيدي
كنت سيدة الحلم
في عالم بنفسجي اللون
مخملي الملمس
ذات يوم
كانت لدي قدرة الحلم
بالمستحيل الجميل
فحلمتُ
بما لم تحلم به انثى قبلي
مارست كل انواع الاحلام المستحيلة
يا سيدي
تضخمت بالاحلام
قدر استطاعتي
ولم ادرك
الا
بعد فوات الاوان
ان للأحلام عملة
تدفع من رصيد العمر
فما ابهظ ثمن الاحلام
يا سيدي
فيا سيدي الحلم
هل تعلم
انك
الحلم
الذي دفعت ثمنه
من رصيد سنواتي
وأعلنت افلاسي
من الالم والاحلام بعدك
وكل الاحلام التي عشتها بعد رحيلك
كانت بلا ثمن
فهل ادركت الآن من أنت؟
من تكون؟
واين موقعك فوق خارطة قلبي؟
وما حجم وجودك فوق خارطة احلامي؟
*********