هذه الخاطرة لطالما أحببتها
في الحياة دروس ما أكثرها و ما انفعه. فيها الحلو فيها المر ،فيها السار و فيها المحزن، و على مسرحها أحداث لا تنقطع، فقد تغفل عنها أو تتغافل و لكنها تلبث أن تفرض نفسها علينا، درسها عميق و أخاذ ينفذ إلى القلب و يستولي على المرء، لا يحتاج إلى معلم أو طالب ،و إلا شرح أو توضيح، وهو أيضا متجدد و متنوع يوافينا بم نتوقع وما لا نتوقع، ويمدنا أحيانا بما لا نقرا في الكتاب أو صحيفة. وهو أخيرا حي عملي نعيش فيه أو نعيش معه وقد نكون موضوعه أو مجال تطبيقه ننساه فيذكرنا، ونغفل عنه فينبهنا لا يمل الإعادة و التكرار.
ما أجدرنا أن نأخذ عنه أو نخرج منه بعضة أو عبرة، وكثيرا ما فاتنا هذا فتمر بنا أحداث الدهر ونحن عنها في غفلة، وقد نذكرها لحظة ثم ننساها، ورحلة الحياة الحق: هي الملئ و الخبرة و التجربة. و من لم يؤدبه الدهر أدبه الليل و النهار.
علمتني الحية كثيرا، علمتني طفلا و شابا، كما علمتني كهلا و شيخا، و لا تزال دروسها تتوالى دون انقطاع. و أحداث الطفولة كثيرة و كل طفل و سلوكه و يحضرني منها أمور أحب أن أشيد بها ، أولها أن الطفولة حقا عالم الطهر و البراءة لا تعقيد قيها ولا التواء ، ولا غش و لا خداع ولا كذب ولا تضليلا ، يعبر الأطفال عما في نفوسهم بصراحة و يتقاسمون طعامهم بسماحة ......
اذكر أني افتقدت يوما في مكتب القرية لوحي الملون ،أخذه طفلا اقل مني سنا ليتمتع بمنظره دون أن يسألني،وما أن احس بسؤالي و بحثي حتى احمر وجهه و هذه الحمرة خير تعبير عن الاعتذار البرئ .